ستة وعشرون عاما.. صوت وراية وألق يتجدد
نبيل ياقو خنانو
مرت علينا الذكرى 26 لصدور العدد الاول من جريدة بهرا لتكون شاهدا
على مسيرة طويلة لرسالة وقضية ابناء شعبنا على طريق نيل حقوقه القومية
المشروعة.
ففي هذا اليوم من العام
1982 انبثق صرح اعلامي كان حينها عبارة عن نشرة بسيطة كتب فيه الرعيل الاول
امال وطموحات ومعاناة شعب ليكون حملا ثقيلا في اعناق قيادة الحركة
الديمقراطية الاشورية ومناضليها لترسيخ حقوقه في الاوساط السياسية
والدستورية، وجعل بهرا صوتا مدويا يعرف العالم بان هنالك شعب يحب الحياة
ويريد حقوقه على ارضه. صدرت بلغتين العربية والسريانية.
وان استعرضنا المحطات
التي مرت عبر مسيرتها الممتدة لستة وعشرين ربيعا نستطيع ان نضئ مراحلها عبر
اربع نقاط وهي:
الاولى: بدايات التأسيس
1982 - 1988
الثانية: ترسيخ المبادئ
1988 - 1992
الثالثة: ما بعد
الانتفاضة 1991 - 2003
الرابعة: الصدور في
بغداد 2003 لحد الان
المحطة الاولى.. بدايات التأسيس
اذا ما عدنا الى
استعراض الجهد الذي قام به الرعيل الاول من مناضلي الحركة في مواكبة
الاعلام الكلداني السرياني الاشوري نجد ان ما قاموا به هو عمل يذكره
التاريخ المعاصر باحرف من نور حيث وبوسائل بسيطة، وفي ظل نظام فاشي
ديكتاتوري استطاعت النخبة الاولى ان تطبع جريدة عبارة عن منشورهو امتداد
لاسم جريدة اخرى كانت مقاربة في التسمية وهي "زهريرا دبهرا" اول صحيفة
اشورية تعبر عن تطلعات الامة وتنشر مفاهيمها وامالها في اوساط الاعلام
المشوه انذاك، كان ذلك عام 1846 م.
جاءت ولادة بهرا
متزامنة مع انطلاقة تنظيم قومي تقدمي ديمقراطي على الساحة السياسية
العراقية لمقارعة النظام الديكتاتوري لعرض نهجه وفكره وسط الجماهير المؤمنة
بقوميتها وامتها وقضيتها العادلة. وكانت مرحلة ما بعد تأٍسيس "الحركة" عام
1979 مقتصرة على نشر ادبياته ونشرات داخلية وباسماء مستعارة.
وزعت حينها بهرا في
القرى والنواحي والمدن الممتدة على طول اقليم كوردستان العراق وعلى الرغم
من الحملة التي شنت على فصائل المعارضة عام 1984 مما حدى بالجريدة الى
الاحتجاب مؤقتا.. ولا ننسى تأثيرها على الجماهير داخل الوطن وايضا في دول
المهجر وخصوصا انها وصلت اليهم عبر منافذ سرية استطاع الرعيل الاول من
المناضلين ايجادها لنشرها بين اوساط ابناء شعبنا اينما كانوا.
ولا ننسى في هذه
المناسبة ان نذكر اول شهيد سقط من الحركة الديمقراطية الاشورية والذي عمذ
بدمه الطاهرجريدة بهرا واضاء درب المناضلين القدامى ومنحهم القوة والاصرار
للاستمرار في اصدار الصحيفة. انه الشهيد الخالد يوبرت شليمون الذي اعتقل
وهو يحمل نسخا من احد الاعداد، وليحال بعدها للمحاكمة في احدى زنزانات
النظام الديكتاتوري السابق ويصار الى شنقه بتهمة حمل منشورات ممنوعة وذلك
في 5 شباط عام1985.
المحطة الثانية.. ترسيخ المبادئ
مع تصاعد نضال الحركة
واتساع افق العمل السياسي والشعبي ودخول الحركة في تحالف مع القوى الوطنية
كانت بهرا في المقدمة لتكون افضل وسيلة دعائية لطرح الرؤى الاعلامية للقضية
القومية في المحافل الحزبية والسياسية بل وحتى في الاوساط العالمية
والاقليمية لنقل تصورات فصيل سياسي منتمٍ لساحة النضال الوطني الفعلي وهذا
وحده سابقة مهمة في المحطات السياسية لشعبنا عبر تاريخه المعروف والمدون
على صفحات المؤرخين.
وكذلك توضيح للمواقف
التي تتخذها الحركة وتتبناها تجاه تطورات الاحداث على الارض والحاصلة في
الساحة السياسية في الوطن.. اضافة الى الاضطلاع بمهام التوعية والتثقيف
للجماهير ونشر المفاهيم القومية والوطنية ومضامين قضية شعبنا امام الراي
العام الداخلي والخارجي لكسب الاصدقاء لمساندة قضايا شعبنا وحركتنا
العادلة.
ما بعد الانتفاضة عام 1991
كان من ضروريات النضال
السري عدم اصدار المنشورات وان حدث هذا فهو من اجل التواصل بين الشعب من
جهة وبين فصائل المقاومة ولا ننسى التواصل الفعلي بين كوادر واعضاء الحركة
داخليا ومعها الاتصال مع الهرم القيادي للاعضاء وقيادة الحركة الديمقراطية
الاشورية.
استمرت هكذا الى حين
الانتفاضة عام 1991 ضد الحكم الفاشي لتصبح علنية الصدور وبمشاركة الرفاق
بشكل علني حيث لبست بهرا ثوبها الجديد بتشكيل هيئة مكلفة باصدار الجريدة
واتخاذ محافظة اربيل في اقليم كوردستان مقرا لها واخذ الموافقة بان تنزل
للساحة الجماهيرية ورسم لها ان تلتزم الخط الوطني والقومي ونشر الوعي
بقضيتنا العادلة..
وامست تصدر بطبعة عربية
وسريانية بعد ان تم فصلهما ولتلبس حلة اللون البنفسجي وبثمان صفحات، وابواب
جديدة ثقافية وعلمية واقتصادية واصدار شهري منتظم نهاية كل شهر ووفق نهج
اعلامي ملتزم بالثوابت والقوانين والانظمة الحركية، وتم تقديم طلب رسمي
وبهيئة عاملة متكونة من صاحب الامتياز، رئيس التحرير، مدير التحرير وفصلت
عنها الطبعة السريانية وبحلة وتسلسل للاعداد وبواقع زيادة جديدة لعدد
النسخ..
الصدور في بغداد.. حتى الان
بعد احداث نيسان 2003،
تم اتخاذ قرار بان تصدر في بغداد، وبحجم اكبر وطاقم تحرير جديد ليكون
مواكبا للتغيرات السياسية التي حدثت في العاصمة بغداد واتخذت مقرا جديدا
انيقا وسط بغداد في منطقة زيونة وتستقطب بعدها الاعلاميين والفنانين
والكتاب وتتوسع افاق عملها. ثم انفتحت على جميع مكونات الشعب العراقي.
ولتخاطب هذه المرة العراقيين من شماله الى جنوبه وتطرح الفكر الديمقراطي
للحركة وقضايا شعبنا المصيرية، ولتصل طبعاتها الى ارجاء بغداد والمؤسسات
الحكومية والمنظمات الشعبية والكنائس والاديرة.
وحرصت على نشر كل ما هو
جديد وغطت احداث الساعة قدر الامكان لتكون حاضرة مع اخواتها من الجرائد
اليومية الكثيرة التي صدرت في اجواء جديدة من الحرية والتعبير الحر عن
الراي والراي الاخر. وابوابها فتحت لكل اطياف اللون العراقي الذي تساهم
اقلامهم في كل ما هو جديد لما يخدم المصلحة الوطنية.
وبعد سنتين اتخذت خطوة
مهمة في مسيرة الجريدة نحو تطويرها وذلك بزيادة عدد صفحاتها ولتصدر بـ"12"
صفحة يوم الاحتفال بالذكرى الثالثة والعشرين لصدورها حيث اضيفت اليها ابواب
جديدة تتناسب مع زيادة عدد صفحاتها الداخلية.
بمناسبة السنة السادسة
والعشرين من عمرها المديد نقدم اجمل التهاني الى جميع القائمين عليها
والكتاب الذين يرفدون لها بلا كلل او ملل ولكل الانامل المبدعة من ابناء
شعبنا..
والف تحية لكل من ساهم
في وجود بهرا ايام الكفاح المسلح مرورا بالرفاق الاوائل الذين قدموا كل ما
استطاعوا لنشر الوعي القومي، ومبجلين صبر المناضلين ودماء شهداء الحركة
الذي استرخصوا الغالي والنفيس من اجل قضيتنا النبيلة.
ستظل بهرا معبرا عن
تطلعات الامة في نيل حقوقها، وستبقى السباقة في قول الكلمة الصادقة. وهي
حاملة امينة لراية المبادئ والقيم للحركة الديمقراطية الاشورية وخاطبت
وتخاطب ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري خاصة وشعبنا العراقي بصورة
عامة.
|