هل خسرت الاحزاب قواعدها الجماهيرية؟!

 

                                                 حميد الموسوي

           تحول خلافات السياسيين -المتصدين للعملية السياسية والداخلين في تشكيلة الحكومة والبرلمان خاصة - الى مهاترات معلنة، من تخوين وتشكيك والقاء تهم على ألسنة المنسوبين الى هذه الجهة او تلك الى امر خطير لايخدم العراق ولايصب في مصلحة شعبه ويعرض العملية الديمقراطية الى الانهيار ويعرقل نجاحها وتقدمها على اقل تقدير.

المسؤولون المعنيون يعرفون قبل غيرهم ان تلك التصريحات تشكل مادة اعلامية دسمة لكافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لاسيما الفضائيات المغرضة والمعادية والمأجورة، والتي ستهّول وتحّور وتضيف للتصريح بما يخدم اهدافها ويصب في مصلحة مموليها - هذا فيما يخص التصريح الاعتيادي - فكيف اذا كان التصريح من فئة الهجوم والتخوين والقاء التهم: حمل فلان الفلاني بشدة على القائمة... ووصف اعضاءها بانهم.. وانهم سبب تأخر تشكيل الحكومة!.

وهاجم قيادي بارز في ائتلاف.. اعضاء تحالف.. واتهمهم بـ... وانهم يجرون العراق الى...

وما ان تظهر هذه التصريحات المهاجمة والمهددة والمحملة حتى تأتي الردود من الجهات المقصودة وبصيغة اقسى والفاظ اقذع وكلمات اخشن. الامر الذي يلبّد الاجواء ويوسع الفجوات ويقطع حبال المودة، ويمسح كل خطوط الرجعة وينقض العهود والعقود والمواثيق، في وقت احوج ما نكون فيه الى كل ما يقرب وجهات النظر، ويطيب الخواطر ويرطّب الاجواء ويخفف اللهجات المتشنجة والحوارات المتشددة املا في الوصول الى صيغة مقبولة تسارع في تشكيل الحكومة وانهاء ازمة تفاقمت بمرور الاسابيع والشهور والايام دون توصل الكبار الى حل يرضي الجميع ويسهم في قيام حكومة شراكة وطنية قوية.

لقد وضعت الجماهير العراقية ثقتها بمرشحيها الجدد وكلها امل بأنهم سيعّوضون ويحققون ما عجز عنه برلمانيو الفترة السابقة، وانهم سيستفيدون من اخطاء ما حصل ويضعون مصلحة العراق فوق كل اعتبار، ويجعلون خدمة مواطنيهم هدفا ساميا وغاية منشودة. لكن هذه الجماهير المنكودة اصيبت بخيبة امل واحباط وخذلان من اول وهلة وفي اول خطوة خطاها القادة الجدد، وركنت الى القنوط والياس وهي تعد الايام والاسابيع والشهور بعد ظهور وتصديق نتائج الانتخابات على امل تشكيل الحكومة الجديدة التي وعدت بها على لسان مرشحيها، ولكنها لم تجد ولم تر ولم تسمع سوى المزيد من المشاورات والحوارات واللقاءات والتعلل بالامال التي كلما تقاربت انفرط عقدها وتشتت حبّاتها، وبدلا عن استثمار ما فات من وقت، وتعويض خسارة ما تاخر من مشاريع وضياع المزيد من الفرص بدلا عن ذلك وغيره يستبدل الواعدون نقاشاتهم وحوارتهم ولقاءاتهم غير المثمرة على طول اكثر من خمسة شهور، يستبد لونها بسجالات متشددة وتشبت بمواقف وعناد واصرار لاجل العناد والخلاف، والقاء تهم ولوم متبادل لايؤدي الا الى المزيد من التأخر والتخلف والضياع وتدخل غير مرغوب فيه من اطراف لاتريد للعراق خيرا ولا لشعبه مستقبلا.

ان الاطراف الفاعلة في هذه المرحلة الساخنة الحرجة والمنعطف الخطر الذي يمر به العراق وشعبه تعرّض امال وطموحات الجماهير الى الضياع قبل ان تعرض نفسها الى خسارة هذه الجماهير ودعمها واسنادها وثقتها، فأي وجود يتبقى للاحزاب والحركات والكتل والائتلافات اذا خسرت قواعدها الجماهيرية وفقدت ثقة ناسها مهما كان حجم وثقل تلك الاحزاب والحركات والكتل والائتلافات. وقبل تعرض طموحات الجماهير للضياع، وقبل خسارة الاحزاب لقواعدها هناك الخطر الاعظم الا وهو فشل العملية السياسية وضياع التجربة الديمقراطية وحدوث مالا تحمد عقباه واقله عودة سياط الدكتاتورية وتعسفها وزنازينها المظلمة واحواض السيانيد وفرامات لحوم البشر والمقابر الجماعية وقانا الله شر تلك الحقب السود التي يحاول البعض العودة اليها بقصد او بحماقة او بسوء تقدير او بلادة، ومن حيث يدري او لايدري، او من باب "عليّ وعلى اعدائي".

ومع حلول شهر رمضان المبارك، نتطلع الى موائد افطاره واجوائه القدسية على امل وبرجاء ان تحقق ما عجزت عن تحقيقه اللقاءات البروتوكولية بأياديها المتصافحة وقلوبها المتصافعة.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links