أهكذا يجري حوار الوحدة ؟؟

تعقيبا على بيان عدد من كتاب شعبنا ..

                                      ميخائيل بنيامين

             نشر موقع "عنكاوا كوم" يوم 25/ 9 / 2009 بيانا موقعا من (41) كاتبا وأديبا من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري موجها إلى وزير الثقافة في إقليم كردستان، مناشدين سيادته عدم تقديم الدعم "المادي والمعنوي" لأي من الاتحادات على حساب أخرى كي لا تكون الوزارة طرفا في "التشتيت والتناحر" الموجود ..الخ ، نص البيان في الرابط أدناه ..

 في رأي الشخصي  أقل ما يقال عن هكذا بيان انه بيان غريب ويثير الكثير من علامات الاستفهام، وان مكان وزمان والاهم طريقة طرحه تنافت مع الهدف المفترض الذي قصده وهو "تحقيق هدف توحيد الاتحادات" لأنني لا أرى إن هكذا طريقة وهكذا مناشدة تعتبر أساسا صحيحا للحوار المطلوب في أية جهود توحيدية. وأود أن ابدي حول الموضوع هذه الملاحظات :

 1- من بين الموقعين على البيان كتاب وأدباء لهم مكانتهم، وبينهم الكثير ممن هم أصدقاء وزملاء لنا وأكن لهم كل المودة والتقدير، وان ما سأبديه هنا من ملاحظات أتمنى ألا يعتبر انه يمس الجانب الشخصي لأي كان، بقدر ما هو محاولة لانتقاد حالة أراها لا تخدم طريق الحوار ومصلحة أي طرف من هذه الأطراف. معترفا إن التقاء الكثير من هذه الأسماء  واتفاقها على توقيع نفس البيان أستغربه ويثير لدي علامات تعجب !!

2- مناشدة البيان لوزير الإقليم بالصيغة التي وردت، لا تعني إلا مطالبته للتدخل في موضوع لم يكن يفترض أن يُقحم فيه من هذه الزاوية مهما تكن المبررات، لان حل الإشكاليات والاختلافات الموجودة بين هذه الاتحادات يفترض أن تبقى إلى النهاية داخل إطار الحوارات بينها وبين أبناء شعبنا، لما لتصدير هكذا اختلافات من تداعيات سلبية قد تزيد التعقيد وتظهر ضعفنا أكثر،عدا ذلك فهكذا مناشدة وفي هذا التوقيت( قبل أيام من انعقاد مؤتمر سيرعاه سيادة الوزير)  قد لا تعكس إلا كونها مطالبة لإيقاف دعم "اتحاد الأدباء والكتاب السريان"، وهي بذلك لا توفر أساسا وسبيلا سليما للتأكيد على المشترك في محاولة لمواصلة جهود التوحيد، ومن جهة أخرى وكأن المناشدة تطالب سيادة الوزير بممارسة دور (لا يمكن أن يرضاه لنفسه وحاشا أن يقبل به) هو الدور الذي تمارسه الوزارات في الأنظمة غير الديمقراطية بضرورة أن تتبع كل الاتحادات والنقابات خطا واحدا لا يخرج عن خط الوزارة لا غيرها(لا أقول إن البيان يطالب بذلك)، وفي النهاية فان هكذا مناشدة لا بد وان تثير لدى سيادة وزير الثقافة علامات غير مرضية لما نحن عليه، وإذا ما أثرت على دعمه ومساندته لأي من هذه المؤسسات مستقبلا فليس الملام إلا نحن طالما نجازى على ما نستحقه وفق حجمنا الثقافي والحضاري !! 

3- نظل نسمع لأكثر من مرة عن المحاولات المبذولة لتوحيد الاتحادات الخاصة بأدباء وكتاب شعبنا، وكانت إحداها حين سألني رابي نزار حنا الديراني عن استعدادي لأكون عضوا في لجنة مع اثنين أو ثلاثة من الزملاء الآخرين من بغديدا وعنكاوا لنمثل اتحاد الأدباء والكتاب السريان ليتم التداول في موضوع التوحيد مع أعضاء سيمثلون بقية الاتحادات بغية الوصول إلى صيغة مقبولة تحقق هذا الهدف، واعتقد إن ذلك كان بعد اللقاء الذي جرى لذات الهدف بعد انعقاد مهرجان برديصان الشعري في القوش،وكان ردي: طالما تعلقت المسألة بموضوع التوحيد فأود إن أكون دائما ايجابيا وان أركز على ما هو مشترك ومحاولة تجاوز ما يفرق عسى ولعل أن تتحقق خطوة بالاتجاه الصحيح، وعليه أعلنت استعدادي للمشاركة في هذه اللجنة، على الرغم من ان قناعتي ورؤيتي لم تكن تتفق مع آليات التوحيد والأساس الذي كان يقوم عليه نقاش التوحيد، خصوصا في مجال الاتهامات المتبادلة أو التذكير بأسباب تأسيس هذا وذاك من الاتحادات، وإذ لم أعلن عن تلك القناعة وقتها، أعتقد إن الوقت أصبح مناسبا لقولها :

من المعروف إن "التشتت" الحالي هو نتيجة تأسيس اتحادات أخرى بعد 2003 ، بعد أن كان (اتحاد الأدباء والكتاب السريان) الوحيد المؤسس منذ 1972، والمعروف أيضا إن أغلب الأسماء المعروفة واللامعة من كتاب وأدباء شعبنا كانت وما زالت أعضاء في هذا الاتحاد، ولربما هي أيضا الآن أعضاء في الاتحادات الأخرى (وهذا من حقها الطبيعي)،  فإذا كانت هناك ( أسباب ) كانت لها ضرورتها، شرعية كانت أو لم تكن !! قد دعت إلى تأسيس اتحادات أخرى، وإذا فرضنا (وهذا ما نتمناه) إننا تمكنا من توحيد ما موجود من اتحادات!! فما الذي يضمن ألا يتأسس اتحاد آخر بعد كل فترة (وما شاء الله فان الأسباب كثيرة وقد لا تنتهي لدى العديد من أدبائنا كما هو حال غيرهم) وكما يؤكد ذلك البيان نفسه عندما يذكر إن اتحاد رابع في طور التشكيل، فهل سيكون شغلنا الشاغل أن نناقش لماذا هذا التشتيت؟ وان نظل نبحث عن الأسباب ؟؟ وان نبقى نجلد ذاتنا لأن نفر في كل مرة ليس ولن يكون حريصا على ما موجود من توحيد وهو مستعد أساسا لتشتيته ؟؟ فأي ذنب يتحمل من كان همه الوحدة قولا وفعلا ؟؟ وهل سنبقى نتحمل ما سيبدأ المؤسسون الجدد في كل مرة بتوجيهه لنا كوننا مطالبين ببذل جهود للوحدة وكوننا نعيقها ؟ في وقت هم لم يتوانوا ولا  يتوانون وغيرهم لن يتوانى في تشكيل هيئة جديدة تزيد التشتيت؟؟ أليس من الأجدر السؤال عمن يتحمل مسؤولية هذا التشتيت أساسا ؟ ومطالبتهم بان يكونوا قدر المسؤولية لأن يتحملوا هم نتائج أعمالهم ؟؟ لعلنا لا نشجع ونقلل من هكذا حالات تشتيت ولا أقول إيقافها لأنني لا أعتقد بأنها ستتوقف.

لا أتمنى أن يفهم من كلامي إنني أعارض توحيد هذه الاتحادات، أو إنني بصدد محاسبة تأسيس كل اتحاد جديد،بل أفتخر بان كل أفكاري وممارساتي (وكما يعرف كل من يعرفني) أنها لا تخرج قيد أنملة عن دائرة التأكيد على ضرورة التركيز على كل ما هو مشترك وما يخدم وحدتنا، وإنما اعتراضي هو على المنطق والأساس الذي يجري فيه حوار المطالبة بالتوحيد والوحدة وقد يكون هذا البيان نموذجا.

نعم ، نعاني من التشتت ولكننا لم نصل درجة "التناحر"، كما يذكر البيان، نعم، من الضروري أن نواصل التحاور والنقاش لتوحيد ما يمكننا، ولكن تضخيم الأمور وتحميلها أكثر مما تتحمل قد تعكس انطباعات أخرى وقد لا تؤتي ثمارها.

4- على البعض ممن وقع البيان، أن يسأل نفسه أيضا، هل يحق لآخرين أن يطالبوه بان يوزع الدعم والأموال التي يتلقاها من مصادر معينة، على جميع من هم أدباء وكتاب في هذا الشعب دون استثناء ودون أن يحصره بمن يؤيدون توجهاته الفكرية و .. ، وحتى إن كان الجواب بالإيجاب (نعم) كونه مستعد لذلك، لأن الآخرون هم ممن يرفضون الاستفادة من هكذا دعم لقناعات تخصهم، تبقى النتيجة هي اقتصار دعمكم على فئة دون أخرى، وهذا ما لا يمكن فرضه على أحد طالما هناك أفكار وأراء قد تتفق وقد تختلف، فالمهم إننا لا نصل إلى درجة التناحر، دعونا نفضل سبيل التنافس على من يقدم أفضل ما يمكن لتطوير مقومات أدبنا ولغتنا وثقافتنا المشتركة كل من موقعه، ولنركز على جوهر هذه المقومات، عساه يكون كفيلا يوما ما بحلحلة واقع التشرذم الذي يرفضه جميعنا، بعضنا عمليا، جملة وتفصيلا، وبعضنا الآخر يدعي ذلك أيضا ولكن بممارسات لا نراها توفر أرضية خصبة لتحقيق الهدف المنشود.           

في النهاية، فان دعم نشاطات أية جهة بالطريقة التي تقتنع بها وبما يؤدي إلى خدمة لغتنا وثقافتنا ليس بذلك السوء ، في مقابل محاولة إعاقة جهود أية جهة تحت ذريعة جهود التوحيد التي قد تزيد الفرقة أكثر.

5- يفترض ألا يتناقض ادعائنا برغباتنا الشديدة وإرادتنا الطيبة في توحيد جهودنا وكأننا نعمل بتعسف بالضد من مفاهيم الحرية ومخالفة مواد الدستور التي تقر بحرية تشكيل اتحادات ونقابات لا يشترط مجاراتها ومسايرتها للون واحد.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links