تحية لصحافتنا السريانية في عيدها السنوي
نبيل ياقو
مرت
مائة وستون عاما على صدور اول عدد من صحيفة كانت بداية خير للغتنا
السريانية، ومعه اعلامنا القومي لما حملته من بذور امل نقطف ثماره اليوم
بعد هذه المدة الطويلة، ظهر في محطاتها مبدعون ومفكرون واعلامييون ابدعوا
باحياء لغتنا، واستطاعوا ان يضعوا لمساتهم عليها وبجمل رائعة صارت اساسا
لتنوير من جاء بعدهم وسار بهديهم ليتطور الامر ويصبح اعلاما قوميا جميلا
يربط الماضي بالحاضر، ويقرب الاجيال قدم توعية جديدة اسمها الصحافة
السريانية.
ورافتها نهضة ادبية كبيرة واحياءا لكتابات مارافارم ونرسي في الايمان
والعقيدة لتوضف بعدها للعلم والصحافة واللغة الاعلامية، نشرت فيها ثقافة
جديدة بهدف تطويع الاعلام ليكون مصدر تثقيف وتقديم تراث الاباء بشكل سلس
وجميل للقراء، من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، ولتصبح فيما بعد
لغة متداولة في المحافل المحلية والمؤسسات الثقافية داخل الوطن وفي بلاد
الاغتراب.
نعم بدأت صحافتنا ببطء وبامكانيات بسيطة الا انها انتشرت في الاوساط
الشعبية كونها لغة شعب وحضارة عريقة ومؤمنة بقضيتها وبكون اللغة اساس وجود
اي شعب على المعمورة، واستطاع ادباء اكفاء واعلاميين من شعبنا ان يوصلوا
اللغة الى ابناء شعبنا في كل مكان عن طريق الادب والصحافة.
واليوم وسط تزايد أعداد الصحف اليومية والمجلات محليا وعالميا وتعددت
لغاتها والوانها ،شهدت صحافتنا السريانية انبثاق عدد جيد من الصحف والمجلات
والاصدارات الشهرية او الفصلية إلا أن البعض منها توقف ،والكثير منها لم
يوثق مع الاسف ، على الرغم من تتلاوينها التي عبرت عن ثقافة كبيرة في بعضها
وعن ضعف في البعض الاخر لاسباب كثيرة من اهمها باعتقادي عدم وجود ادباء
مقتدرين في بعض محطاتها من التاريخ، وكان تركيزها على الشان الثقافي او
القومي بصورة كبيرة ، ناضجة في بعضها ومختلفة بالاهتمامات في الاخرى وحسب
بيئتها وجهة اصدارها ، فقد ركزت على السياسة والشان القومي والادب والقصيدة
في معظم الاحيان.
تعدد الصحف اليومية والمجلات في اي بلد هو انعكاس لواقعه ان كان فيه
نسمة الحرية ام كان هنالك بصيص منه، وويتاثر ذلك من بلد الى اخر ومدى تمدنه
وتحضره ونظرته الشمولية للحريات الفردية وحرية التعبير وابداء والراي.
ان صحافتنا السريانية بعد كل هذه الفترة الطويلة لا زالت غير ملبية
لطموحات شعبنا اعلاميا، كما هو الحال اذا ما قارناها بالصحف الناطقة باللغة
العربية او غيرها من اللغات.. فاننا نرى صحفا سريانية الا ان لغتها العربية
ولم يستطع المطبوع السرياني منافسة اللغة والتعبير وتحرير الخبر الموجود في
اخواتها العربية مثلا، لاسباب يمكن ايجازها بما يلي:
اولا: الامكانيات المادية المتاحة, وخاصة تخصيص ميزانية لطبع وشراء
اجهزة وتوظيف متخصصين باللغة ومحررين وغيرها من الامور.
ثانيا: توفير الكوادر المناسبة والمتمكنة من اللغة لتطوعها وتصوغ اخبارا
بلغتنا الام وليس ان تترجم من لغة الى اخرى.
ثالثا: التسويق، فلكل مطبوع يجب ان يسوق وان يعرض على الحمهور من اجل
شراءه ليغطي الكلفة وايضا من اجل استمراية اي مشروع اعلامي.
على الرغم من كثرة المنشورات بالسريانية بالاخص بعد احداث 2003 فهل
استطاعت هذه المجلات والصحف الارتقاء بالصحافة السريانية وترسيخ وجودها في
الاوساط المثقفة من ابناء شعبنا؟؟ وايضا هل اسهمت في تشجيع الناطقين بها من
الكتابة والاهتمام بهم ليكونو صحفيون سيريانيون يتقنون الفنون الصحفية
بشكل جيد وكبير لمواطبة واستمرارية وتطوير صحافتنا الحبيبة؟؟
ونحن نقف اجلالا لكل من ساهم في احياء واستمرارية صحافتنا الحبيبة
السريانية طوال 160 عاما نامل من مثقفينا وكتابنا ان يغنوا الصحافة
بالافكار والابداعات وبالاخص في مناطق تواجد ابناء شعبنا ، وايضا لوجود جيل
متعلم ومثقف وناطق باللغة وحاصل على شهادات فيها ولا ننسى التجرة السريانية
التي تبنتها الحركة الديمقراطية الاشورية منذ العالم 1991 وما ننال اليوم
من ثمارها، وما شهدناه من تخريج لدورات في اختصاص اللغة السريانية وبشهادة
اكاديمية باعتقادي قادرة على النهوض اكثر بالاعلام السرياني وبالتعاون مع
مثققفوا شعبنا هناك وفي كل المناطق في العراق. والاخذ بيد المبدعين واصحاب
المواهب والاقلام المبدعة وهي كثيرة سواء داخل الوطن او خارجه، لخلق صحافة
سريانية اكثر نضجا ليخدم ابناء شعبنا وخاصة انه الان الحرية مكفولة ،
وبضمنها حرية نشر الصخف والمجلات دون قيد او شرط في الوطن عموما.
نحن اليوم بحاجة الى مؤسسة ثقافية تعنى بالصحافة بشكل خاص نظيرا
للمؤسسات الثقافية المنتشرة، لتدعم الصحافة ولتكون متميزة عن الثقافة،
فالصحافة غي لغة شعبية تاخذ على عاتقها هموم وتطلعات الشعب وطموخاته لرسم
خارطة جديدة لاعلامنا القومي، عن طريق انشاء رابطة للصحفيين السريان، كون
صحافتنا تعيش حالة من العزلة ان صح التعبير عن مجتمعها السرياني الكلداني
الاشوري، وفيها الكثير من التاثيرات التي بدات تبعدها عن النضج المطلوب ان
تتمتع به .
والاقلام الشريفة التي تكتب فيها بحاجة الى صقل وادخالها في برامج مكثفة
الاعلامية وصحفية لتختلط بالتطورات الحاصلة اليوم وان تترجم هذا الاختلاط
الثقافي الى فعل قوي في الصحافة السريانية للوصول الى الاهداف المرجوة
منها.
كل عام وصحافتنا السريانية بالف خير، وتمنياتنا لابناءنا من الكتاب
والمبدعين والمغكرين ان لايبخلو عليها لانها صوت امة ولسان حال شعب يحب
الحياة ويريد ان تصل كلمته ولغته الى اصقاع العالم.
|