مجلة نجم بيث نهرين امتداد تاريخي لصحيفة زهريرى دبهرا
ملكو خوشابا
تعتبر الصحافة المراْة التي تعكس
القيم الثقافية والاجتماعية والسياسية والعادات والتقاليد لكل شعب من شعوب
المعمورة ، والصحافة تقوم اليوم بدور مهم وفعال في شتى مجالات الحياة
بدءاً من تكوين الرأي العام وانتهاءا بالدفاع عن حقوق الانسان والحريات
العامة، وايضاً تفتح المنافذ والقنوات للتلاقح الثقافي بين الثقافات
المختلفة ،وفي المجتمعات الديمقراطية الحرة تقوم بممارسة دورها ومهامها
كسلطة رابعة الى جانب السلطات الثلاث الاخرى التشريعية والتنفيذية
والقضائية .
اما بالنسبة للصحافة الاشورية التي كانت باكورتها زهريري
دبهرا ( صدرت عام 1849 في اورميا ) ولعبت دوراً بارزاً في نشر الوعي
والمفاهيم القومية بين ابناء شعبنا ، وبعدها صدرت عدة صحف ومجلات قومية
وثقافية ودينية واجتماعية سواء في الوطن او في المهجر ، وكانت اغلبها قومية
ودلت اسماءها على ذلك مثل الوطن وبيث نهرين واشور، بابل ،نينوى ، الاتحاد
،الامل ...وغيرها ، والتي كانت لها الدور البارز والمؤثر في نشر الوعي
القومي والسياسي والثقافي ، وساهمت ايضاً في بناء وترميم الشخصية الاشورية
لادراك دورها التاريخي في تاسيس مجتمعات حضارية مدنية في الدول التي كان
تعيش فيها مثلما اسسوا حضارة عريقة منذ الاف السنين في اشور وبابل ،واكدت
على ضرورة الارتباط بارض الاجداد والنضال من اجل الحقوق القومبة المشروعة
التي كفلتها الصكوك والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان،وفضح الاعمال
والممارسات الغير الانسانية للنخب الحاكمة في العراق منذ تاسيسه عام 1921
المتمثلة بمذبحة سميل عام 1933 والتي راح ضحيتها اكثر من اربعة الاف شهيد
من النساء والاطفال والشيوخ وتدميرالاف القرى في المنطقة ، والتعايش الاخوي
مع القوميات الاخرى ، وفي المهجر فقد دعت الصحافة الاشورية الى عدم
الانصهار في ثقافات تلك الدول وضرورة الترابط والتماسك لغرض المحافظة على
لغة الام والعادات والتقاليد الاصيلة ،اذا اجرينا مقارنة بسيطة بين
افتتاحية اول عدد من صحيفة زهريرى دبهرا وافتتاحية اول عدد من مجلة نجم بيث
نهرين التي يصدرها المركز الثقافي الاشوري في دهوك ، سنرى هناك ترابط او
امتداد فكري وقومي وثقافي بينهما ، فكلا المطبوعين عملا لتحقيق الشعارات
والطروحات المرفوعة من قبلهما ، وبالرغم من ان مواضيع صحيفة زهريرى دبهرا
ركزت على الجانب الديني الا انها حوت مواضيع تاريخية وثقافية وجغرافية
واجتماعية وعلمية ، جاء في افتتاحية العدد الاول من زهريرى دبهرا ( للمدارس
فوائد عديدة ، فالشعوب التي قامت بتأسيس المدارس هي محترمة ومقدرة ان كل
قرية بحاجة الى مدرسة مثلما نحتاج في غرفة مظلمة الى النور ، وفي الازمنة
القديمة الاشوريون كانوا يفكرون كثيرا بالمدارس ليست فقط لابنائهم وانما
ايضا لابناء الاقوام الاخرى التي كانت تعيش معهم ...) . هذه التاكيدات التي
جاءت في الافتتاحية حول دور العلم والثقافة التي تساهم في نمو الوعي القومي
وتنوير فكر الانسان الاشوري ليكون نموذجا في خدمة امته وشعبه .
اما بالنسبة لافتتاحية العدد الاول من مجلة نجم بيث نهرين
– شهر كانون الاول لسنة 1992 فقد جاءت ( ان نساهم في دعم المسيرة الثقافية
الاشورية ،في كل مجالاتها ومفرداتها وبما يخدم قضية الانسان الاشوري ،اينما
كان وبخاصة في وطنه الام ، هذه المسيرة التي اطلقها وسار بها اباؤنا
الاْوائل عبر العصور ، قبل المسيحية وبعدها ،ولتشع الى اليوم انجازاتهم في
كل حقوق المعرفة الانسانية التي شيدت على اسس ارساها بنو سومر واكد وارام
وبابل واشور ..... ) فهنا اكدت هذه الافتتاحية على التواصل الثقافي والخط
القومي بينهما ، بضرورة الاهتمام بالمسيرة الثقافية الاشورية والتي بداْها
العشرات او المئات من الكتاب والادباء والصحفيين الاشوريين الذين استخدموا
كل طاقاتهم الذاتية والفكرية وقدموا دماءهم الزكية قرباناً على مذبحة حرية
واحقاق حقوق شعبهم الذي تعرض الى ابشع انواع الظلم والقهر والحرمان منذ
سقوط كيانه السياسي وحتى الان ، وهذه المعاناة مستمرة ونحن الان في عصر
الديمقراطيات والحريات العامة ومبادئ حقوق الانسان .
|