في تأبين مهيب له . . الدكتور يوخنا هرمز مازال بيننا بعد سنة من رحيله . .

سنبقى كقامات النخيل على ضفاف الوطن . .

 كالعشب نحن . . ننبعث مع كل ربيع ، أكثر اخضراراً كدموزي  .

 

 زوعا- نينيب برمايا

                بعد سنة من رحيله ، ما زال الدكتور يوخنا هرمز بيننا، أو كما قال الإعلامي الآشوري كميل شمعون في كلمة الحركة الديمقراطية الآشورية / زوعا ( أنت حي فينا ) ، فالمناضلين في سبيل القضية ،  أي قضية ، يبقون أحياء وتبقى أسمائهم محفورة في ذاكرة من ناضلوا من أجلهم  ، شعوباً وأمماً .

والدكتور يوخنا كان بالنسبة لشعبنا وقضيته ، ذلك الجندي المجهول ، الذي  ناضل وكافح في ساحات كثيرة من أجل الحقوق المشروعة لشعبه ، وتفاني في جوانب أخرى ، اجتماعية ، ثقافية ، خيرية ، في خدمة هذا الشعب ، ولذلك كان يسهل على أي مراقب ان يلحظ ذلك التأبين المهيب الذي أقيم له في بلدة تل تمر الخابورية في مساء الأحد 22 / 3 / 2009 ، فقد تجاوز الحضور الألف شخص  ، قدموا من كل الأماكن التي يتواجد فيها أبناء شعبنا في سوريا . كي يلتقوا مرة أخرى روح من فارقهم .

وقد أقام هذه الاحتفالية التأبينية موقع خابور كوم بحضور وفود تمثل فعالياتنا القومية والوطنية وقد تقدمهم نيافة الأسقف مار أفرام أثنييل راعي أبرشية كنيسة المشرق الآشورية في سوريا ، وسيادة اللواء قرياقس متشو ، ووفد للحركة الديمقراطية الآشورية ، والمنظمة الآثورية الديمقراطية ، والحزب الآشوري الديمقراطي ،والتجمع الآشوري الديمقراطي ، وأسرة نصيبين الاجتماعية .

وقد استهلت هذه الذكرى بكلمة موقع خابور كوم ألقاها الأستاذ نبيل هرمز ، تلي ذلك عرض فيلم وثائقي  استعرضت فيه أهم المحطات في حياة الراحل ، وكان الفيلم من إعداد الأستاذ أسامة أدور موسى . ثم كلمة للأب كيفاركيس خوشابا عن أهالي قرية تل نصري / ولطو  . وقصيدة للأب بوغوص ايشايا كاهن كنيسة القديسة بتل تمر، وكلمة لجمعية منصور الخيرية ألقاها الدكتور فؤاد كور ، وقصيدة أخرى للشاعر أبدل أبدل .

وكانت كلمة ارتجالية للسيد داؤود شمعون غرزاني رئيس أسرة نصيبين الاجتماعية ، بالقامشلي ، وكانت معبرة ومؤثرة تحدث فيها على ظروف تعارفه على الراحل ، وسلط الضوء على جوانب من شخصيته كطبيب وإنسان ومناضل قومي ، وذكر بأمنية للدكتور يوحنا هرمز ( أن يدفن في المكان والأرض التي ولد فيها ) وقد وفى بها ، فطوبى لذلك الإنسان الذي يفي بما وعد به ، وأقترح تأسيس صندوق خاص يحمل اسمه لمساعدة الفقراء والمحتاجين والطلبة .

وكانت كلمة مؤثرة أيضا للأستاذ نمرود سليمان ، وكانت مزيج من مشاعر إنسانية جياشة مع خصال إنسان راحل .

وكلمة لأصدقاء الفقيد ألقاها الدكتور يعقوب جللو ، أستعاد فيها مشاهد من علاقته مع الدكتور يوخنا كصديق ، وتحدث عن ذلك الإنسان الآشوري الحقيقي من كافة جوانب الشخصية ، قوميا ، وإنسانيا ، وتحدث عن مزيا الإنسان الآشوري عبر القرون . والتي هي من مزايا شحصية الفقيد ، وهي العمل المتواصل من أجل المساهمة في تطور المجتمعات الإنسانية ، وتصدير ثقافة التسامح وعدم التقوقع على الذات ، وتابع إننا قد عملنا من اجل الإنسان بمفهومه الكوني ، فقد كانت لدينا قوانين وشرائع كانت للإنسانية جمعاء ، كانت عظمة لم يدركها الإنسان إلا في القرن الواحد والعشرين مع بروز مفهوم العولمة . مضيفاً إن وطننا النهائي هو العطاء المقدس للبشرية لبناء الإنسان أينما كان ، وطننا هو في قلب كل عامل وفلاح ومنتج ، هو في كون ترفرف في فضاءه  روح الإنسانية والسلام . صديقي كان يمثل بقاء وصفاء وعظمة تلك الأمة .

أعقب ذلك كلمة للشاعر آدم دانيال هومة ألقاها الأستاذ عبد الأحد خوشابا ، وكلمة للجنة سيدات كنيسة العذارء بالحسكة ألقتها السيدة ألبيرة حنا .وترتيلة للمطرب عمانوئيل اسكندر، وقصيدة للشاعر أوديشو عزيز .

وكلمة معبرة للمنظمة الآثورية الديمقراطية ألقاها السيد يونان طاليا ، تحدث فيها عن شخصية الفقيد كمناضل قومي  ، وعن مدى تفاعله مع المطاكستا وزوعا في مسيرته النضالية .

وكلمة الحزب الآشوري الديمقراطي ، ألقاها السيد نينوس أيشو الذي تطرق بدوره إلى مزايا تلك الشخصية ومدى تفاعلها مع الحدث القومي  أينما كان .

وكانت كلمة الختام من نصيب الحركة الديمقراطية الآشورية / زوعا ، ألقاها الإعلامي كميل شمعون ، وقد جاء فيها ما يلي :

ينتقل الإنسان من هذه الحياة ، ولكن نبضات له تبقى . .

وكثيرا ما سمعنا الدكتور يوخنا هرمز يقول : إن زوعا هي النبض الحي لهذه الأمة .

باسم ذلك النبض ، ولذكرى مناضلنا الذي ترجل الساحة القومية باكراً ، أقدم هذه الكلمات . .

 . . كل من عمل من أجل أمته وإن مات فسوف يبقى أسمه خالدا من جيل إلى جيل .

أيها الحضور الكريم . .

نعم لقد فارقنا الفقيد الراحل منذ عام ، ولكنه بيننا ، وما زال قريباً من ذاكرتنا . التي تحتفي بحضوره الجميل .

لا بد أن نحزن على فراقه ، بل ونستذكر كل تضحياته ، وخدماته في حقل العمل القومي ، فقد كان قومياً حقيقياً . .

كان يؤمن دوماً ، بأن القومية عملٌ وفعل ، وليست مناظرات وأقوال ، وليست صراعاتٌ وتناحر ، وحقل لاختبار عمق الانقسامات والشروخ . .  والأنا التي تبعد القوى النيرة عن الأهداف المقدسة التي يرنوا أليها أبناء شعبنا ، من كل حدب وصوب .

كان يتطلع إلى قوى آشورية حقيقية ، تقود أمته إلى بر الأمان .

كان يؤمن بان القومية المثلى ، تكمن في ذلك التماهي الذي نصبوا أليه ، بين الإنسان الكلدوآشوري السرياني  ، والمبادئ التي يحملها ، وبين مفهوم القضية . . والتضحية عنده

والدكتور يوخنا هرمز ، لم يكن يطرح نظريات في هذا المجال بالتأكيد ، فكنت ترى فيه بكل يسر ، ذلك التماهي بين الإنسان . والمبادئ  . والقضية . والتضحية .

فقد قدم خدمات جليلة ولسنوات طويلة لأبناء شعبنا ، في كافة المجالات ، وكان بتواصل دائم مع الحدث القومي ، والقوى الأشورية المختلفة ، ومع أبناء شعبنا في كل أرجاء الوطن والمهجر .

وعندما نزحت أعداد كبيرة من أبناء شعبنا من العراق ، على أثر الأحداث المؤلمة التي ألمت بالعراق وشعبه ، مد لهم يد العون ، ولم يبخل بأي شيء يملكه ، من أجل إيوائهم وتامين فرص العمل لهم ، وكانت المشفى التي يملكها ، مفتوحة لهم على الدوام .

لا بد أن نحتفي به اليوم ، ودائماً ، كما نحتفي بعظماء أمتنا ، وجودنا اليوم في هذا التأبين ، دليلٌ على حضورنا المتواصل مع ذاتنا بكل مدلولاتها .

لقد جمعنا اليوم في تأبينه ، جئنا من كل الأماكن . . طوائف ، وتنظيمات ، كما كان يجمعنا في حياته . . ولكن ليس لنبكيه أو نندبه ، بل ليجمعنا مع المصير المشترك والهدف والقضية .

نعدك أيها الصديق . . أيها الرفيق . . بأن المسيرة مستمرة ومتواصلة ، ولن نتراجع طالما احتاجت هذه الخصوصية إلى البقاء  . . سنبقى كقامات النخيل على ضفاف الوطن . . كالعشب نحن . . ننبعث مع كل ربيع ، أكثر اخضراراً كدموزي  .

أيها الراحل عنا ، كم تعجز الكلمات . . مهما طالت أو كثرت ، من الوفاء لك . .

. . أنت لم تمت . . أنت حيٌ فينا .

وختمت ابنة الفقيد الطالبة في كلية الطب رومينا يوخنا هرمز باسم أسرة الراحل الكبير، بكلمات مؤثرة فعاليات هذا الحدث  ، شكرت فيها كل من ساهم في إقامة هذه الفعالية وإنجاحها ، متمنية أن تكون هذه الذكرى نورا تستنير به هذه الأمة ، للعبور إلى عصر جديد تكرم فيه مبدعيها وأبنائها البررة .

ثم أزيح الستار عن تمثال نصفي للفقيد الراحل نفذه الفنان الآشوري المبدع دنخا زومايا .واستغرق العمل فيه مايقارب الخمسة أشهر .

  

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links