إصدار صحيفة سريانية يومية..

 تكريم للماضي وتعزيز للحاضر

 

                                            جورج هسدو

           سبقت الصحافة السريانية قريناتها الأخرى من صحافات شعوب دول المنطقة (إيران، تركيا، العراق، سوريا، لبنان) في التاريخ وأسبقية الصدور، فقد صدرت أول جريدة سريانية عام 1849 في إيران بأسم (زهريرى دبهرا)، وجارت كبريات صحافات العالم من حيث تواصل الإصدار ومساحة التوزيع وتنوع المادة.. وتفوقت الصحافة السريانية على منافساتها في العديد من نقاط القوة، أهمها غزارة العناوين وتعدد اللغات المستخدمة في النشر.. بحيث تجاوز عدد الصحف والمجلات السريانية الصادرة نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الـ 20 مطبوع، مستخدمة في ذلك أكثر من خمس لغات (السريانية، العربية، الفارسية، التركية، الإنكليزية) وأحيانا الفرنسية والروسية.

لكن هذا الماضي التليد كله لا يمكن أن يشفع للصحافة السريانية بعد مضي أكثر من قرن ونيف على ولادتها، وهي لا تملك اليوم حتى صحيفة يومية واحدة في كل العالم.. في وقت باتت فيه الصحيفة اليومية من أقوى وسائل الترويج والتأثير في الأفكار والميول العامة.. فما هو سبب فشل الصحافة السريانية في تبني ولو وليد يتيم يومي واحد فقط؟، رغم اختلاف امكانيات وانتماءات أصحاب الشأن من الصحفيين أو المهتمين السريان الموزعين في دول العالم.

من المعلوم أن إصدار صحيفة يومية يحتاج إلى عوامل قوة وامكانات مادية وطاقات بشرية كبيرة.. وهو أيضا يحتاج في مرحلة تالية إلى أدوات الديمومة والتواصل، والتي يأتي في مقدمتها التسويق الجيد.. لكن برأيي ان إصدار صحيفة سريانية يومية قد يحتاج إلى أكثر من ذلك، خاصة وأن التجربة ستكون حديثة بالنسبة للمرسلين والمستقبلين على حد سواء.. إلى جانب حتمية التعاطي مع القضايا القومية الخاصة التي ستكون من أولويات الصحيفة السريانية اليومية، وطبعا هو ما سيؤثر إيجابا بين أبناء الأقلية وقد يشكل العكس بين الأكثرية.. ومهما كان من أمر فأن نجاح الصحيفة (أي صحيفة) وضمان إنتشار الصحيفة اليومية (السريانية) يتوقف على أربعة عوامل رئيسية: لغة الإصدار، مساحة الرأي، تنوع المعلومة، حرية التعبير.

ففي الوقت الذي تعتبر فيه لغة الإصدار مهمة لترويج أي صحيفة، بحيث تكون اللغة المتداولة بين أكثرية جموع المتلقين، وتكون العامل المشترك بين المتعاملين مع الصحيفة من الكتاب والقرآء.. تأتي المساحة المفردة للإدلاء بالرأي لتشكل إحدى النقاط المهمة الواجب توفرها أثناء تناول القضايا الحساسة على الصعيدين المحلي والخارجي، وهو ما يرفع من شأن الصحيفة لتكون من المصادر المعتمد عليها في بلورة الرأي لدى شريحة القرآء تجاه أحداث كبيرة وخطيرة.. ثم يأتي عامل تنوع المعلومة وغزارتها، بحيث كلما اشتملت الصحيفة على معلومات أكثر وأشمل كلما زادت نسبة المتابعين لها، وطبعا هذا الأمر يحتاج إلى شبكة مراسلين قد تتجاوز حدود البلد الواحد أو حتى القارة الواحدة.. كما لا يمكن أبدا تجاوز ما على الصحيفة توفيره من أبواب أو مساحات حرية التعبير، وقد تتعارض وتتقاطع فيما بينها، وهو ما لا يشكل ضيرا أبدا، بل أنه يزيد من ثقل الصحيفة بين المتداولين، على أن لا يفسد هذا الإختلاف الذوق العام طبعا.. وإضافة إلى ما سبق فأن هناك جملة من الضرورات الفنية التي يجب توفرها في حال إصدار صحيفة يومية.

لكن السؤال المطروح يبقى: هل يمكن إصدار صحيفة سريانية يومية في الوقت الراهن؟، وإذا كان الجواب لا، فمتى يمكن ذلك وإلى متى سننتظر؟؟.. أم علينا أن نكتفي بالتمجيد بالماضي وننسى أن الحاضر أيضا سيكون في يوم ما ماضي!!، لكن مع الأسف لن يكون مشرفا كسابقه، فهل سنستطيع تكريم ماضينا بتعزيز حاضرنا بإصدار صحيفة سريانية يومية بأسرع ما يمكن؟، أم......ماذا؟!.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links