الحصة التموينية ومعضلة
البديل المنقذ
حميد الموسوي
برغم
مرور اربع سنوات وعدة شهور على عملية التغيير ومع الارتفاع الهائل في اسعار
النفط، وبوجود موازنات سنوية خرافية جاوزت ارقامها ثمانية واربعين مليار
دولار لعام 2008 برغم ذلك كله وبغض النظر عن صبر العراقيين الاسطوري
وتضحياتهم الجسام ودعمهم اللامتناهي للعملية السياسية ازدادت حالة بؤس
وشقاء الطبقات المسحوقة بمقدار ازدياد امتيازات وتخصيصات وحظوة المتميزين
"نجوم كل العصور"، واستمرت معاناتهم الأزلية مع وكلاء بطاقة الفقر والقهر
المشؤومة التي لازمتهم في حياتهم اليومية خطوة خطوة ليتسلمها الدفان وحفار
القبور معلنا تحرر العبد المنكود من قيدها الصديء القاسي.
ترى هل اهتدى الذين يفكرون بمعضلة البطاقة
التموينية الى بديل مناسب تنتفي بوجوده الحاجة لذل مفراداتها البائسة التي
تاتي ولا تأتي بحيث يتنفس المواطن الصعداء وينفض -من خلال هذا البديل- عن
كاهله منّة وذل هذه البطاقة المشؤومة التي فرضتها عليه سلطات استكثرت عليه
لقمة عيش كريمة؟!.
هل سيتمكن الذين ينصحون بالغائها من اعادة
البيت العراقي الكريم الى سابق عهده قبل ان تلجئه السياسات الهوجاء لهذه
الصدقة المهينة وارغمته على قبولها ليعيش طيلة عقدين مضيا -وما يزال-
انتظارا تحت رحمة "الوكلاء الجشعين"؟.
من ينكر ان ابسط البيوت العراقية كانت تغص
بالمواد الغذائية والرئيسية منها بوجه خاص؟.
كيس الرز او السكر او صحيفة دهن الراعي الكبيرة
او صندوق مسحوق الغسيل "تايد" كنا نقدمها هدية عند قدوم حاج وفي مناسبات
الولادات والاعراس والوفيات مع ان رواتبنا ودخولنا الشهرية كانت بسيطة!.
وذلك قبل ادخال العراقيين بين فكي رحى مسلسل
حروب الصمود والتحدي تطبيقا لسياسة التجويع المتفق عليها لتركيع العراقيين
واشغالهم عن مجرد التفكير في التصدي للتسلط الكتاتوري.
تلك السياسة التي رفضتها سلطات دكتاتورية ابتلى
بها العالم الثالث وتقبلها حكام العراق السابقين تشبتا بالسلطة واستثئارا
بالمنافع والامتيازات!.
وبعد زوال الغمة-بقدرة قادر وبلوغ القلوب
الحناجر- استبشرنا خيرا وقلنا الخير آت متوقعين رفاها لا يقل عن بذخ اخوتنا
الخليجين ان لم يكن أترف بكثير متوقعين عودة ثروات العراق لتأخذ مكانها
الطبيعي. بحيث توضع في خدمة اهلها الشرعيين وتستثمر في مشاريع تعزز مكانة
العراق وترفع المستوى المعيشي لابنائه بعدما كانت تهدر عبثا على آلة الحرب
وصناعتها العسكرية وتبذر باسراف على ملذات طيش السلطان وحاشيته وتبدد بسفه
كهبات وعطايا من اجل دعاية رخيصة او إشادة منافقة تنفخ في بالون الفخر
الزائف. في وقت تعتاش فيه عوائل عراقية على اكوام القمامة وتعتاش اخرى على
التسول في بلدان الله الواسعة.
وبرغم مرور اربع سنوات وبضعة شهور على عملية
التغيير، ومع الارتفاع الهائل في اسعار النفط، وبوجود موازنات سنوية خرافية
جاوزت ارقامها ثمانية واربعين مليار دولار لعام 2008 برغم ذلك كله -وبغض
النظر عن صبر العراقيين وتضحياتهم ودعمهم للعملية السياسية- ازدادت حالة
بؤس وشقاء الطبقات المسحوقة. بمقدار ازدياد امتيازات وتخصيصات وحظوة
المتميزين والمتميزين من المتميزين "ابطال كل العصور" واستمرت معاناتهم
الازلية مع وكلاء بطاقة الفقر والقهر المشؤومة التي لازمتهم في حياتهم
اليومية خطوة خطوة بكل تفاصيلها وجزيئاتها ليتسلمها الدفان وحفار القبور
معلنا تحرر العبد المنكود من قيد صدىء قاس!.
المصيبة الكبرى ان هذه البطاقة "التحفة" -وبعد
ان استسلم العراقي المقهور يائسا من احلامه "الخليجية" وراح يتطلع الى تحسن
وازدياد مفردتها عله يشعر بتغير يتناسب مع عشر معشار احلامه وامانيه ورجائه
من العهد الجديد- راحت تتناقص وتتضاءل وتتردى وتسوء وتنحسر نوعا وكماً،
وراح "الوكلاء الامناء" يزدادون عجرفة واستخفافا وعنجهية وتلاعبا بالانواع
والكميات المقررة حتى يمر الشهران والثلاثة دون ان يحصل المواطن على شيء من
قائمة تطول، فاذا عطف عليه "الوكيل الامين" بحفنة شاي منتهية الصلاحية او
كيس طحين يصلح للبناء او ثلاث قطع من الصوابين فاقدة اللون والرغوة
والرائحة فانه يستوفي منه مبلغ الحصة المقررة كاملة زائدا اجور النقل
والتعبئة والوزن!.
ومع تسليم امره للقوي الجبار وتدرعه بالصبر
الممض يظل العراقي المغبون بانتظار الكفاءات والخبرات الاقتصادية العراقية
علها تضع حدا لمعاناته الازلية السرمدية!.
|