المعلم الذي عاش لأمته ومات في سبيل أمته

 

 

 

 

                                                                              أويا أوراها 

              بتاريخ الخامس من شهر شباط  2012 تصادف الذكرى الثانية والثمانون على رحيل المرشد القومي الخالد وأحد رموز الوفاء لقضايا شعبه الكلدوآشوري السرياني الملفان الكبير نعوم فائق الذي وافته المنية عام 1930 في بلاد الغربة الولايات المتحدة الأمريكية . أن هذا الموضوع ليس بتحليل فكري أو سياسي أو فلسفي لهذه الشخصية الفذه التي سرقت جهودها الأنظار لما أنتجته من أعمال قيّمة وذا قيمة طيلة سني حياتها أبتداء من بلد المنشأ تركيا ومرورا بلبنان وأنتهاء بالمستقر الأخير أمريكا بلد الحرية التي تفتخر بأحتضانها له وتزدان تربتها بجثمانه الطاهر , بل لهو موضوع يشمل أيضاحات مختصرة حاوية على أقوال مأثورة  أوحكم ,أفكار ,أرشادات ونتاجات هذا المعلم الغيور والتي أعتمدته من بعده الأجيال العاملة في الحقل القومي طريقا لهداية شعبنا صوب أهدافه القومية والوطنية والتي أقتبستها من كتاب ( نعوم فائق , ذكرى وتخليد ) بقلم السيد ( مراد فؤاد حقي ) .

 ما سأوجزه هنا بخصوص هذه الشخصية الخالدة سوف أتناوله في ثلاث محاور :

   المحور الاول , ما يخص ولادته , دراسته والمجالات التي نشط فيها و زاولها  :

ولد المرشد القومي نعوم إبن إلياس إبن يعقوب في شهر شباط عام 1868 في مدينة ( آمد ) بتركيا وهو أسم سرياني معناه ( خالص , ناج , منفلت ) , وهذه المدينة حيث تم تغيير أسمها من قبل السلطات التركية وأصبحت تعرف فيما بعد ( ديار بكر ) ,وقد أضاف ألى أسمه لقب ( فائق ) بعد نزوله ألى ميدان الحياة , مقتديا بموظفي الأتراك وأدبائهم , الذين كانت هذه العادة , عادة أضافة ألقاب ألى أساميهم , متفشية بينهم للتمييز بين المشتركين منهم في أسم واحد , وهو لقب جميل طابق الملّقب , لأن صاحبه فاق حقا الكثيرين من بني جنسه في جهاده المتواصل المشكور , وفي عام 1881- 1889 شرع معلمنا الكبير في تعلم لغته الأم السريانية واللغات التركية , العربية , الفارسية ومبادئ اللغة الفرنسية وأيضا اتجه الى دراسة علم الرياضيات والعلوم الطبيعية . وفي سنة 1908 أسس هذا الغيور  في تركيا جمعية تحت أسم ( الأنتباه ) وفي عام 1910 قام بأنشاء أول صحيفة سريانية ( كوكب الشرق ) والتي تعتبر باكورة آثاره الأدبية  في مدينة آمد ( ديار بكر ) ليكون لسان حال جمعية الأنتباه والتي صدر العدد الأول في 27 نيسان وعاشت لسنتان  وأحتجبت عن الظهور بعد صدور آخر عدد لها بتاريخ 27 نيسان 1912 .. وفي 22 أيلول عام 1912 سافر مرشدنا القومي الى مدينة بيروت ومن بعدها الى الولايات المتحدة الأمريكية ليصلها في 5 كانون الأول 1912 , وفي بدايات 1916 شرع بأصدار جريدة ( بيت نهرين ) باللغتين السريانية والتركية  والتي أستمرت في الصدور لمدة ست سنوات لتتوقف بعدها  كون تولي االملفان الخالد رئاسة تحرير جريدة ( الأتحاد ) التي أنشأتها الجمعية الكلدانية الآثورية عام 1921 , ولما أحتجبت هذه الجريدة عاد ألى أصدار جريدته ( بيت نهرين ) التي صدر آخر عدد منها أواخر عام 1929 أي قبل وفاة صاحبها بقليل  ..

 المحور الثاني , مختارات من أعماله الأدبية ومؤلفاته  :

لم يكن لفقيدنا الكبير نعوم فائق من عمل غير المطالعة والبحث والتنقيب والأزدياد من العلم , وقد حصر مطالعاته وأبحاثه في كل ما يتعلق بأبناء شعبه وبلغتهم حيث وكلما وقع على حقيقة تاريخية أو لغوية أو علمية  يقيدها أو يدونها ليجمع أليها نظائرها كي يستعين بذلك على التأليف  في الموضوعات التي هي من أختصاصه وهاك أهم مؤلفاته  :

1 – ترجمة سيرة الملفان مار يعقوب السروجي الى التركية , حيث يعتبر من معلمي كنيستنا السريانية  الأعلام وقديس من قديسيها العظام وصاحب الميامير المشهورة التي ضمّنها أسمى المعاني ..

2- ترجمة رباعية عمر أبن الخيام للشاعر والفيلسوف الفارسي الذائع الصيت الى اللغة السريانية ..

3- ترجمة مأثورات بنيامن فرانكلن الى السريانية  هذا الذي يعتبر أحد أفراد الأميركان النابغين الخالدين حيث كلن حكيما ومخترعا وفيلسوفا وأداريا حازما وسياسيا قديرا ..

4- قاموس سرياني عربي مطول ..

5- قاموس الأعلام بالسريانية , والذي يقال عن هذا القاموس بأنه لو أمدّ الله في حياة الفقيد ومكنه من أخراجه والذي وضع هيكله لكان من أحسن مؤلفاته ..

6 – معجم الكتاب المقدس باللغة السريانية ..

7 – كتاب مبادئ القراءة باللغة السريانية ..

8- مختصر في علم الحساب باللغة السريانية ..

9- مختصر في علم الجغرافية باللغة السريانية  ..

10- تاريخ مدرستي نصيبين والرها السريانيتين ..

11- ترجمة كتاب أحيقار , الفيلسوف الآشوري ألى اللغة التركية ..

ألخ من المؤلفات البالغ عددها ( 34 ) التي أبقاها لنا الفقيد وهي كثيرة ومتنوعة المواضيع غير أن القليل منها كان كاملا وماثلا للطبع بينما القسم الأعظم لا يزال ناقصا متفرقا يتطلب جهودا كبيرة ووقتا طويلا لأنجازه وأعداده للنشر ...

المحور الثالث , منتخبات من كتاباته وأقواله المأثورة  :

ومن كتاباته التي نشرت وكان لها صدى ودويا مؤثرا  أختار منها : ( المطابع ) يقول فيها ( فالأمة بلا مطبعة أشيه بقرية بلا مزرعة وما من أمة يتيسر لها النجاح الا بتشغيل المطابع  .. أنتهى  ) . وتليها ( نكبات الشرق ) ويذكر فيها ( اما الأن قد حان لنا نحن الشرقيين أبناء الشمس ان نستفيق من سبات جهلنا وخمولنا , وننهض نهوض الرجال , ونقاوم كل سلطة مستبدة وكل حكومة جائرة و ناسين الضغائن والأحقاد , متحدين أتحادا مكينا نستطيع أن نخفف به نكبات شرقنا العزيز , فكما أن الغرب قد أخذ عن الشرق في سالف الأزمان مبادئ العلوم والمعارف والتمدن , فليس بعار على الشرق أن يقتبس اليوم أصول الرقي والعمران من الغرب , فأن التشبه بالكرام فلاح ..  انتهى ) .وكتب أيضا عن ( الجرائد وفوائدها  ) وفيها يقول ( يعلم الكل أن الجرائد في الشعب هي لسان حاله وأن الشعب يعرف بجرائده ولولا الجرائد لظلت الأمم خاملة الذكر وفاقدة الشرف القومي وعادمة كل فضيلة علمية كانت أو أدبية أو تاريخية , والجرائد لا تقوم لها قائمة أو نجاح أن لم يناصرها قرائها وسائر أفراد الأمة وجمعياتها ,فالأمة التي ليس لديها جرائد هي أمة خرساء وصماء وتعساء وخاملة , وأن الأمة التي لا تحترم نفسها لا يحترمها الغير , والأمة التي لا تحافظ على نفسها ولا تغار على لسانها ولا تسعى لأثبات موجوديتها , ولا تنشر تواريخها , ولا تطبع كتبها , ولا تحافظ على آدابها , ولا تناصر صحافتها , من يعرفها ؟ ومن يسمعها ؟؟   .. أنتهى الأقتباس ) . ومن كتاباته أختار أيضا  ( ماذا يطلبون وماذا نطلب )  و ( نحن والنجاح ) ومن هذا الأخير أقتبس الآتي ( من اللائق برؤسائنا وزعمائنا أن يبذلوا الجهد لأنهاض الأمة وحثها على بناء المدارس وتأسيس المطابع وأنشاء الصحف التي هي الوسائط الأولى لتهذيب عقول الصغار والكبار معا لأن الأمة لا ترتقي ولا تنجح الا بها . بذلك يهيئون شعبا ذا قابلية للتفاهم والأتحاد والتعاضد عارفا واجباته نحو أمته ووطنه ولسانه  .. أنتهى ) .

ومن أقوال المرشد القومي الخالد ( نعوم فائق ) المأثورة وهي كثيرة أيضا , أقتبس منها ما يلي  :

* الذي لا يقرأ بلغته لا يعرف لماذا قد خلق .

* مستقبلنا بايدي الأطفال لأنهم رجال الغد .

* الأتحاد يحرر الشعوب من العبودية .

* بثلاث تنجح الأمة : قلم الكاتب , مخزن التاجر , حقل المزارع .

* الشاب الذي يقترن بفتات غريبة عن قومه يهين أمته .

* إعتن بثلاثة : بامرأتك وبأمتك وبوطنك .

* أحب وطنك مثل يوسف , ووقر أمتك مثل موسى , وتألم من أجل بني قومك مثل المسيح .

* أنين الأخوة يضطرنا أن نترك الراحة .

* الحروب المذهبية تعطل الأمور الأدبية .

* الأمة التي تهمل لغتها تفقد مجدها وتضيع كيانها .

* الحياة الباطلة شيخوخة قبل أوانها .

* علّم الفم كيف يتكلم , ومن ثم تكلم , لئلا تندم بعدما تتكلم .

وللفقيد الغالي ومرشدنا الغيور اشعار كثيرة أيضا بالسريانية والعربية يعبر من خلالها عن حنينه للوطن , ومعاقبة الزمان , والحرب الكبرى ..

أخيرا وخير ما أختم به هذا الموضوع الخاص بالذكرى الثانية والثمانون على رحيل معلمنا الخالد ومرشدنا القومي الوفي الملفان نعوم فائق ( الأديب السرياني الكبير صاحب ومنشئ الجرائد السريانية وواضع المؤلفات اللغوية والأناشيد القومية المفيدة  .. ) بمقولته المؤثرة هذه : فيك ولدت وفيك أريد أن أموت وتحت ثراك أتمنى أن يدفن بعد الملمات جسدي . !! )